اتفاقية الأردنية الإسرائيلية لاستيراد الغاز الإسرائيلي على مدار (15عاماً) قرار استراتيجي إلى أين؟
د. نبهان سالم أبو جاموس
مستشار قانوني ومحكم دولي ممارس
أستاذ القانون الدولي
أعلنت الشركة الأمريكية المسؤولة عن تطوير أكبر حقل بحري للغاز في إسرائيل عن توقيع اتفاقية مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لبيع الغاز إلى الأردن، بتاريخ26/9/2016م يبدأ تدفق الغاز في أواخر عام 2019، بموجب هذه اتفاقية تستورد بموجبه الغاز الطبيعي من حقل لفاياثان البحري قبالة السواحل الإسرائيلية، فإن هذه الاتفاقية قديمة جديدة حيث بدأت المفاوضات بشأنها من قبل وزيرة خارجية الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون في عام 2011م، لاستيراد الأردن للغاز الإسرائيلي، وكما في أوائل 2012م اتصل، أموس هيتشستاين، أحد كبار دبلوماسيي الطاقة في وزارة الخارجية، بشركة نوبل انيرجي الأمريكية بخصوص إبرام صفقة مع الأردنيين، بدأت مفاوضات رسمية شارك فيها مدراء الشركات بالإضافة إلى دبلوماسيين أمريكيين، وإسرائيليين، وأردنيين في الديوان الملكي الأردني، استمرت المحادثان حول الصفة لمدة عامين كاملين، يتنقل فيها المفاوضين بين فنادق البحر الميت وفندق الهيلتون قرب محطة بادنتون في لندن، وكما حاول مسؤولون أمريكيون لتسهيل وتيسير الصفة من خلال تقديم دعم مادي لتدريب الأردنيين على التنظيم القانوني للغاز، ودعم الولايات المتحدة هذه المفاوضات بقوة، ومَن وقف خلف الاتفاق وحثّ بدأب على إبرامه كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي عمل لتحقيق الاتفاق من منطلق ترسيخ محور الاعتدال في الشرق الأوسط – بين الدول العربية المعتدلة وإسرائيل.
وخلال المباحثات التقى مع ممثلي الوفود وشجعها على التوصل لاتفاق، والدعم الأميركي ملموساً طوال الطريق، حيث نظروا إلى الاتفاق على أنه خطوة إستراتيجية وعنصر استقرار، وعليه ساعدت شركة نوبل انيرجي كسر جمود الاتفاقية بتوقيع اتفاقيتين منفصلتين مع شركات أملاح أردنية مثل شركة البوتاس والبرومين بمقدار 500مليون دولار من الغاز على مدار 15 عاما من حقل تامار، فمهدت هذه الاتفاقيات الطريق للحكومة الأردنية التي أرادت أن تكون الاتفاقية قانونياً مع شركة أمريكية، بدلا من إسرائيلية، وبعد سبعة أشهر لاحقة، وقعت شركة نوبل إنيرجي، بالنيابة عن تجمع شركات حقل لفايثان، اتفاقية أولية مع شركة الكهرباء الأردنية لبيعها الغاز من حقل لفايثان بما قيمته 12 مليار، وقد بررت الحكومة الأردنية أبرام الصفقة توجهات بعض الدول العربية للتطبيع مع الاحتلال تتجه الأردن في نفس الاتجاه، مستخدمة أسباب اقتصادية مدعية أن الصفقة ضرورية لمواجهة عجز الطاقة بسبب الأزمة في سوريا والعراق أثرت تأثيراً سيئاً في احتياطات النفط التي تستخدمها شركة الكهرباء الأردنية وترفع من سعرها، لذا يحتاج الأردنيون إلى مصدر بديل للطاقة والبدء بإطفاء خسائر شركة الكهرباء الأردنية.
وأما العائد الذي يعود على الاسرائيلين كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن عوائد تصدير الغاز إلى الأردن ومصر ستساعد إسرائيل على الاستثمار في "مشاريع إستراتيجية وطنية، في قطاع التعليم والأمن، فمن إجمالي الـ15 مليار دولار سيذهب 56% (8.4 مليار دولار) إلى الكيان الصهيوني (الدولة الإسرائيلية) على صورة عوائد حقوق ملكية وضرائب مفروضة على عوائد الأرباح الطارئة وضرائب شركات، وبواقع 559 مليون دولار سنوياً، وهذه الاتفاقية تدعم الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من دعم الشعب الفلسطيني، وكما يعزز فرص التعاون الإقليمي ويجعل الأردن جزءً من المشروع الإقليمي المندرج ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي والاتحاد من أجل المتوسط للاستفادة من اكتشافات الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط والتي تشمل إضافة إلى نوبل (الغاز الفلسطيني والغاز القبرصي والغاز المصري) يهدف لبناء شبكة خطوط لتصدير الغاز من هذه الاكتشافات وربطها بشبكة الغاز الأوروبية، وتصدرها لعده دول أوربية من بينها اليونان وقبرص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق